للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأعمل فيهم سيفه -أي حصد رؤوس الكفار بهذا السيف-، وتقدم حنظلة - رضي الله عنه - حتى انتهى إلى قائد المشركين أبي سفيان فرفع سيفه عليه، فبينما هو فوق رأسه رأى رجلٌ من المشركين المشهد فقتل حنظلة من وراءه- لحكمة يريدها الله، فقد أسلم أبو سفيان بعد ذلك- ورأى النبي - صلى الله عليه وسلم - الملائكة تُغَسِّلُ حنظلة فسأل عنه لماذا تغسله الملائكة؟ والشهداء لا يغسلون؟ فأُخبر أنه خرج إلى الجهاد جنباً -أي كان عريساً ينام مع زوجته- فرأى إن اغتسل تأخر عن الخروج فبادر بالخروج جنباً، وقتل شهيداً فغسلته الملائكة بين السماء والأرض (١).

عباد الله! حمزة - رضي الله عنه - يحصد بسيفه رؤوس الكفر هنا وهناك في أرض المعركة، لا يقف أمامه أحدٌ من المشركين.

قال قاتلُهُ وحشيٌ: رأيت حمزة بن عبد المطلب كالجمل الأورق، حاملٌ سيفهُ يقتل به المشركين ما يقوم له شيء.

قال وحشيٌ: وخرج إليه رجلٌ من المشركين فرفع حمزة سيفهُ عليه فما أخطأ رأسه.

وقال وحشىٌ: وانتهزت منه غفلة فرفعتُ حربتي حتى إذا رضيتُها دفعتُها إليه فوقعت في ثُنته -أي أحشائه- حتى خرجت من بين رجليه (٢).

يقول ولما مات حمزة أخذت حربتي وذهبت بعيداً عنه، وليس لي بغيره حاجة، ومع ذلك مات حمزة أسد الله، والمسلمون يحصدون روؤس الكفر، ويقتلون الكفار حتى أنهم ولوا مدبرين.


(١) إسناده جيد: انظر كتاب "الجنائز" (ص ٧٤) للألباني.
(٢) "سيرة ابن هشام" (٣/ ٧٦).