للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢)} [الجمعة: ٢].

ورسولنا - صلى الله عليه وسلم - يخبرنا بأحوال الناس قبل بعثته فيقول - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إن ربي أمرني أن أعلِّمكم ماجهلتم مما علمني يومي هذا، كل مال نحلته عبداً حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً، وإنَّ الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب .. الحديث" (١).

وها هو الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - يصور لنا أحوال الناس في مكة قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيقول للنجاشي: "أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحُسن الجوار .. " (٢).

عباد الله! فالناس في حاجة إلى أن يرسل الله -تبارك وتعالى- إليهم رسولاً يخرجهم من هذه الظلمات التي يتقلبون فيها.

[العنصر الثاني: الأحداث العظام التي سبقت ميلاد النبي - صلى الله عليه وسلم -]

أولى هذه الأحداث: قصة حفر عبد المطلب لزمزم، والذي يخبرنا بهذه


(١) رواه مسلم (رقم ٢٨٦٥).
(٢) "فقه السيرة" (ص ٣٤) للغزالي، تحقيق شيخنا الألباني - رحمه الله-.