للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخطبة السادسة والثلاثون: غدر الكفار: مأساة يوم الرجيع، ومأساة بئر معونة]

عباد الله! موعدنا في هذا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع اللقاء السادس والثلاثين من سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وحديثنا في هذا اللقاء سيكون عن غدر الكفار.

ويتمثل هذا الغدر في مأساة يوم الرجيع، ومأساة بئر معونة.

عباد الله! تكلمنا عن غزوة أحد وتبين لنا أن الذي أصاب المسلمين فيها كان بسبب المخالفة التي وقع فيها بعض الرماة؛ عندما أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقفوا على الجبل ولا يتركوه؛ فنزلوا ليجمعوا الغنائم فكان ما كان.

والله يخبرنا بذلك فقال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (١٥٢)} [آل عمران: ١٥٢].

وقال تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٦٥)} [آل عمران: ١٦٥].

عباد الله! وكان من نتائج غزوة أحد أن تجرأ الكفار على المسلمين وأخذوا يفكرون في استئصال المسلمين وإبادتهم، ففي مكة أخذ أبو سفيان ابن حرب يهدد ويتوعد، واليهود في المدينة تخون وتغدر ويفرحون بما حدث للمسلمين في أحد، والقبائل العربية من الأعراب حول المدينة تعتدي وتخون وتغدر وهم أشد كفراً ونفاقاً.