للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَخبر عنَّا نبيك، فاستجاب الله لعاصم فأخبر رسوله خبره، فأخبر أصحابه بذلك يوم أصيبوا".

وفي رواية: "فقال عاصم: اللهم إني أحمي لك اليوم دينك فاحمي لي لحمي" (١).

فقاتلوهم حتى قَتَلوا عاصماً في سبعة نفر بالنبل، وبقي خُبيب بن عدي وزرر بن الدثنة، وعبد الله بن طارق.

عباد الله! ولما قَتَلَ المشركون عاصماً أرادوا أن يأخذوا رأسه لإمرأة من المشركين نذرت؛ إن قدرت على رأس عاصم لتشربن فيها الخمر؛ لأن عاصماً - رضي الله عنه - كان قد قتل ابنيها يوم أحد، فأرسل الله تعالى النحل والدبابير فأظلته فحمته منهم فلم يقدروا منه على شيء.

وكان عاصم - رضي الله عنه - قد أعطى الله تعالى عهداً أن لا يمسه مشرك، ولا يمس مشركاً أبداً، فوفَّى الله تبارك وتعالى له.

فكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول لما بلغه خبره: يحفظ الله العبد المؤمن بعد وفاته كما يحفظه في حياته؟

عباد الله! وبقي من الوفد خبيب وزيد وعبد الله، فدعاهم المشركون إلى النزول وأعطوهم العهد والمثياق ألا يقتلوهم فنزلوا.

فلما استمكن المشركون من الصحابة الثلاثة- ربطوهم بالحبال- فقال عبد الله بن طارق: هذا أول الغدر وأبى أن يسير معهم فجروه وعالجوه على أن يسير معهم فلم يفعل فقتلوه، وانطلق المشركون بخبيب وزيد فباعوهما بمكة.


(١) انظر "فتح الباري".