للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (٢٥)}، ورجع كذلك الوفد اليهودي- الذي خرج من خيبر لتحريض الأحزاب لغزو المدينة- إلى أرضهم.

عباد الله! فلما رأت بنو قريظة أنهم وحدهم في المدينة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورأوا أنهم قد هلكوا بسبب غدرهم ونقضهم عهد النبي- صلى الله عليه وسلم -، دخلوا حصونهم وأغلقوا أبوابهم، وجلسوا ينتظرون ما يُفعل بهم.

ودخل معهم حييُّ بن أخطب اليهودي وفاءاً بعهده لسيدهم كعب القرظي، حيث كان حين دعاه إلى نقض العهد والغدر أعطاه عهداً وميثاقاً إن لم يكن ما أراد من استئصال المسلمين أن يرجع فيدخل معه في حصنه، ليصيبه ما أصابه.

عباد الله! ورجع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة بعد هذا النصر المبين على الأحزاب ووضع - صلى الله عليه وسلم - سلاحه وأخذ يغتسل ليزيل هذا التراب الذي غبَّر جسده الشريف، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: يا رسول الله! أوقد وضعت السلاح؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: "نعم".

قال جبريل: والله ما وضعناه- لتعلموا أن الملائكة كانوا يجاهدون مع المسلمين في غزوة الأحزاب-.

فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إلى أين"؟ فقال جبريل عليه السلام: ها هنا وأشار بيده إلى بني قريظة (١) - إلى الخونة الذين لا يتركون الغدر-.

عباد الله! فأصدر النبي- صلى الله عليه وسلم - أوامره للجيش المسلم بالخروج إلى بني قريظة


(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٤١١٧)، ومسلم (رقم ١٧٦٩).