للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكة- في خيل لقريش طليعة -أي في مقدمة الجيش- فخذوا ذات اليمين، فانحازوا ذات اليمين، فلم يشعر بهم خالد حتى رأى الغبار صاعداً فانطلق يركض نذيراً لقريش، وسار النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته، فقال الناس: حلْ حلْ- وهي كلمة تقال للناقة إذا تركت السير- فألحت -أي تمادت على عدم القيام- فقالوا: خلأت القصواء -أي حرنت القصواء- فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله -أي من ترك القتال في الحرم- إلا أعطيتهم إياها -أي أجبتهم إليها- ثم زجرها فوثبت -أي قامت الناقة-.

فَعَدَلَ النبي- صلى الله عليه وسلم - عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على بئر قليل الماء، فما لبثوا أن نزحوه فشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العطش، فانتزع سهماً من كنانته؛ ثم أمرهم أن يجعلوه في البئر فما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه - وهذه من معجزاته (صلى الله عليه وسلم) -.

[العنصر الثالث: الأحداث التي وقعت عند الحديبية قبل الصلح.]

عباد الله! أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبعث إلى قريش رجلاً من أصحابه يخبرهم أنهم جاءوا عماراً، ولم يجيئوا لقتالٍ - ليعلم الجميع أن الإِسلام لا يطلب حرباً إلا إذا فرضت عليه، وإن الذين يشعلون الحرب هم أهل الكفر والشرك- فدعا عمر - رضي الله عنه - فقال عمر: يا رسول الله ليس لي بمكة أحد من بني كعب يغضب لي إن أوذيت، فأرسل عثمان بن عفان، فأرسله، فانطلق عثمان فمر على نفر من قريش فقالوا له: أين تريد؟

فقال: بعثني رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أدعوكم إلى الله وإلى الإِسلام وأخبركم؛ أنا لم نأت لقتالٍ وإنما جئنا عماراً.