للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرض الشام- فأوثقه رباطاً، ثم قدمه فضرب عنقه. ولم يُقتل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسول غيره، فاشتد ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نُقلت إليه الأخبار لأن الرسل لا يُقتلون، فجهز لغزو الروم جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل، وهو أكبر جيش إسلامي لم يجتمع قبل ذلك إلا في غزوة الأحزاب (١).

العنصر الثاني: رسول الله- صلى الله عليه وسلم - والجيش الإِسلامي في المدينة قبل التحرك إلى الشام.

عباد الله! أَمَّرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هذا الجيش الكبير زيد بن حارثة - رضي الله عنه - وقال - صلى الله عليه وسلم - للجيش: "إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة" (٢).

ووصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأمير في خاصة نفسه بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيراً، وكان - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك دائماً إذا أرسل جيشاً في سبيل الله.

عن بريدة - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أَمَّرَ أميراً على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله. اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً .. " الحديث (٣).

عباد الله! وودع المسلمون الجيش، وسلموا على الأمراء فبكى عبد الله بن رواحة- رضي الله عنه - فقالوا له: ما يبكيك يا ابن رواحة؟

فقال: والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم، ولكني سمعت رسول الله


(١) "الرحيق المختوم" (ص ٣٦٩)، "زاد المعاد" (٣/ ٣٨١).
(٢) رواه البخاري (رقم ٤٢٦١).
(٣) رواه مسلم (رقم ١٧٣١).