للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العنصر الأول: سبب هذه الغزوة وتاريخها]

عباد الله! سبب غزوة تبوك هو الاستجابة لأمر الله تعالى بالجهاد، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٢٣)} [التوبة: ١٢٣]

وقال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)} [التوبة: ٢٩].

ولذلك عزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قتال الروم لأنهم أقرب الناس إليه، وأولى الناس بالدعوة إلى الحق لقربهم إلى الإِسلام وأهله.

فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين في المدينة وغيرها بالجهاد، وأعلمهم بغزوه الروم، وكان ذلك في رجب من السنة التاسعة للهجرة

يقول كعب بن مالك -رضي الله عنه -: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلَّما يريد غزوة يغزوها إلا وَرَّى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك، فغزاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حرٍّ شديد، واستقبل سفراً بعيداً ومفازاً، واستقبل عدداًَ كثيراً فجلَّى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أُهبة عدوِّهم، وأخبرهُم بوجهه الذي يريد" (١).

عباد الله! وقال المؤرخون: إن أسباب غزوة تبوك هو: أن الأخبار قد وصلت من الشام بأن الروم قد عزموا على غزو المدينة، فلما بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، رأى أنه لا بُدَّ من أن يستنفر المسلمين للخروج لهذا العدو قبل أن ياتيهم في أرضهم.


(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٢٩٤٨)، ومسلم (رقم ٢٧٦٩).