للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وهي الليلة التي بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأنصار فيها على الإِسلام، وأن يؤوه وينصروه- حين تواثقنا على الإِسلام -أي تبايعنا عليه وتعاهدنا- يقول - رضي الله عنه -: "وما أُحِبُّ أن لي بها مشهد بدرٍ، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها -أي: أشهر عند الناس بالفضيلة-

يقول - رضي الله عنه -: "وكان من خبري، حين تخلّفت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك أني لم أكن قطُّ أقوى ولا أيسر مني حين تخلفتُ عنه في تلك الغزوة، والله ما جمعت قبلها راحلتين قطُّ، حتى جمعتهما في تلك الغزوة".

يقول - رضي الله عنه -: "فغزاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حرٍّ شديدٍ، واستقبل سفراً بعيداً ومفازاً، واستقبل عدداً كثيراً، فَجَلَّى للمسلمين أمرهم" -أي كشفه وبينه وأوضحه- "ليتأهبوا أهبة غزوهم" -أي: ليستعدوا بما يحتاجون إليه في سفرهم ذلك- "فأخبرهم بوجههم الذي يريد" -أي: عرفهم جميعاً أنه يريد أن يغزو الروم- يقول - رضي الله عنه -: "والمسلمون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيرٌ، ولا يجمعهم كتابُ حافظ- يريد بذلك الديوان- فقلَّ رجل يريد أن يتغيب إلا يظنُّ أن ذلك سيخفى به، ما لم ينزل فيه وحيٌ من الله عز وجل".

يقول - رضي الله عنه -: "وغزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال، فأنا إليها أَصَعُر -أي: أميل- فتجهز رسول الله- صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه، وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم؛ فأرجعُ ولم أقضِ شيئاً، وأقول في نفسي: أنا قادرٌ على ذلك إذا أردتُ، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمرَّ بالناس الجدُّ، فأصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غادياً والمسلمون معه، ولم أقض منِ جهازي شيئاً، ثم غدوت فرجعتُ ولم أقض شيئاً، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو -أي تقدم الغزاة وسبقوا وفاتوا- فهممت أن أرتحل فأدركهم، فياليتني فعلتُ، ثم لم يُقَدَّر ذلك لي.