للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباد الله! وتأخر الوحي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليذهب عنه ما كان وجده من الروع وليحصل له التشوق إلى العود (١)، فلما حصل له ذلك، وأخذ يترقب مجيء الوحي، جاءه جبريل للمرة الثانية، فعن جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث عن فترة الوحي قال: "بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء، فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بـ (حراء) جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه، فرجعت فقلت: زملوني زملوني، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥)} [المدثر: ١ - ٥]، فحمى الوحي وتتابع" (٢)، أي حمى الوحي وتتابع في النزول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

عباد الله! بالوحي الأول: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) .. } ثبتت النبوة لرسولنا - صلى الله عليه وسلم -.

وبالوحي الثاني: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) .. } ثبتت الرسالة لرسولنا - صلى الله عليه وسلم -.

أي: بالوحي الأول كان نبياً وبالثاني كان رسولاً.

عباد الله! وقبل أن نتكلم عن المرحلة الأولى من مراحل الدعوة إلى الله تعالى ألا وهي المرحلة السرية، تعالوا بنا لنتعرف على أقسام الوحي، ومراتب الوحي الذي هو مصدر الرسالة ومدد الدعوة.


(١) "فتح الباري" (١/ ٣٦).
(٢) أخرجه البخاري (رقم ٤).