للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على سرد ما يحتمل من المعاني، دون التحقيق والتدقيق في المراد بها، ولعل ما يجري من أحداث، وما سيحصل من أمورٍ أكبرُ شاهدٍ على تحرير معانيه وبيان خوافيه، كيف لا؛ وهو من (علم الغيب) الذي أطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم عليه؟!

ويمكننا أن نحصر المعاني التي أوردها العلماء في معنى (المنع) الوارد في الحديث بالأمور الآتية:

أولاً: هذا منه إخبار بأن أمورَ الدين وقواعدَه يُتركُ العمل بها لضعف القائم عليها، أو لكثرة الفتن واشتغال الناس بها، وتفاقم أمر المسلمين، فلا يكون مَنْ يأخذ الزكاة ولا الجزية ممن وجبت عليه، فيمتنع من وجب عليه حقّ من أدائه. قاله أبو العباس القرطبي في «المفهم» (٧/٢٣٠ - ط. دار ابن كثير) .

وهذا كلام عامّ (١) ، ينقصه:

أولاً: بيانُ هلْ وقع ذلك في عصر المصنف -وهو من وفيات سنة (٦٥٦هـ) - أم لا؟

ثانياً: بيانُ مَن هو المانعُ للخيرات المذكورة في الأحاديث؟

ثالثاً: وفيه أن سببَ المنع: عدمُ وجودِ مَن يأخذ الزكاة والجزية، ولفظ الحديث لا يساعد عليه.

رابعاً: أما قوله: «يُتركُ العملُ بها لضعف القائم عليها أو لكثرة الفتن، واشتغال الناس بها، وتفاقم أمر الناس» ؛ فبعيد -أيضاً-؛ إذِ البلادُ المذكورة هي التي تمنع خيراتها، و (المنع) فيه معنى الكفّ (٢) والحرمان مع جبر وقسْر


= طبعت (المجموعة الأولى) منه.
(١) ومثله ما في «منية المنعم» (٤/٣٥١) : «والمراد بمنع الدرهم والقفيز: منع خيرات البلاد من الزكاة والعشر والجزية والخراج» .
(٢) انظر: «معجم مقاييس اللغة» (٥/٢٧٨) ، «القاموس المحيط» (ص ٩٨٨ - ط. مؤسسة الرسالة) .

<<  <  ج: ص:  >  >>