للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتغلبهم -وهو أصح التأويلين، وفي «البخاري» (١) ما يدل عليه، ولفظ الحديث يرشد إلى ذلك-، وإما بإسلامهم» (٢) .

قلت: فجعل إسقاط ما وُظِّف عليهم بسبب إسلامهم من التأويلين، وقال عن الآخر: «أصح» . ويقتضي هذا أن هذا القولَ مرجوحٌ، وقد ردّه ابن الجوزي (٣) وشيخنا الألباني (٤) -رحمهما الله تعالى-، وفصّل الحميدي في ذلك، فقال: «وفي تفسير المنع وجهان؛ أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أَعلم أنهم سيسلمون، وسيسقط ما وُظِّف عليهم بإسلامهم، فصاروا مانعين بإسلامهم ما وظف عليهم، واستُدِلَّ على ذلك بقوله: «وعدتم من حيث بدأتم» ؛ لأن بدْأهم في علم الله، وفي ما قضى وقدّر أنهم سيسلمون، فعادوا من حيث بدؤوا، وقيل في قوله: «مَنَعَت العراق درهمها» الحديث: أنهم يرجعون عن الطاعة؛ وهذا وجه، وقد استَحْسنَ الأولَ بعضُ العلماء، وكان يكون هذا لولا الحديث الوارد الذي أفصَحَ فيه برجوعهم عن الطاعة، أخرجه البخاري (٥) من حديث سعيد بن عمرو، عن أبي هريرة، قال: «كيف أنتم إذا لم تَجْبُوا ديناراً ولا درهماً؟» فقيل: وكيف ترى ذلك؟ قال: «والذي نفسي بيده عن قول الصادق المصدوق. قال: عمَّ ذاك؟ قال: تُنتَهك ذمةُ الله وذِمّة رسوله، فيَشُدُّ الله قلوبَ أهلِ الذمة، فيَمنعون ما في أيديهم» » (٦) .


(١) انظر: النقل الآتي قريباً عن الحميدي.
(٢) ولم يزد عليه شيئاً الشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك في كتابه «بستان الأخبار مختصر نيل الأوطار» (٢/٤٣٧) .
(٣) في كتابه «كشف المشكل عن حديث الصحيحين» (٣/٥٦٦-٥٦٧) ، وسيأتي كلامه بتمامه (ص ٢٦٥-٢٦٦) .
(٤) في «السلسلة الصحيحة» (٧/١٩٩) ، وسيأتي كلامه بتمامه (ص ٤٣٧) .
(٥) سيأتي تخريجه مفصلاً (ص ٢٦٠) .
(٦) «تفسير غريب ما في الصحيحين» (ص ٣٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>