للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا إخبار عن إجماع الكل على الإسلام. وهذا ليس بشيء؛ لأنه قد سبق صريحاً في هذا (المسند) في الحديث (السابع والثمانين) من (أفراد البخاري) : قال أبو هريرة: كيف أنتم إذا لم تجتبوا ديناراً ولا درهماً؟ قيل: وكيف؟ قال: تُنتهك ذمة الله وذمة رسوله، فيشدّ الله قلوب أهل الذمة، فيمنعون ما في أيديهم» » .

قلت: فقوله «في هذا (المسند) » ؛ يريد: (مسند أبي هريرة) ، وجعلوا قولة أبي هريرة: «كيف أنتم ... » من ألفاظ حديث: «منعت العراق ... » . وهذا يؤكد أن الحديثين عنده سواء، وأنه فرقهما تبعاً لأصله، وجارى في ذلك الحميدي، وسبق قريباً قوله عند حديث مسلم: «هو في المعنى متفق عليه» .

ومشى على هذا غير واحد من العلماء (١) غير ابن القيم -رحمه الله تعالى-.

ولكن ترد هنا ثلاثة إشكالات مهمة؛ هي:

الإشكال الأول: كيف يقال عن حديث مسلم الذي فيه «منعت العراق ... » متفق عليه، وما عند البخاري: «كيف أنتم إذا لم تجتبوا» معلقاً، وليس بموصول؟ والجواب: أن هذا داخل في شرطه، وهذا النوع من التعليق صورته صورة التعليق، ولكن حقيقته ليس كذلك؛ «وذلك لأن الغالب ... على الأحاديث المعلقة أنها منقطعة بينها وبين معلقها، ولها صور عديدة ... معروفة، وهذا ليس منها» (٢) ؛ لأن أبا موسى محمد بن المثنى من شيوخ


(١) عزاه صاحب «كنز العمال» (١١/١٣١ رقم ٣٠٩١٢) وكذا في «زوائد الجامع الصغير» (٤٥٨٩ - صحيحه) لـ (ق) ؛ وهو رمز المتفق عليه، وكذلك فعل بعض المعاصرين؛ مثل: مصطفى البغا في تعليقه على «صحيح البخاري» (٣/١١٦١/هامش حديث رقم ٣٠٠٩) .
(٢) من كلام شيخنا الألباني في «تحريم آلات الطرب» (ص ٣٩) ، وما سيأتي من كلام فمنه، إلا أن سياق كلامه على (هشام بن عمار) وليس على (أبي موسى) ؛ وكلاهما من شيوخ البخاري، فدفاعه -رحمه الله- ينطبق تماماً على روايتنا من حيثية تخريج البخاري لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>