للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث في كتبهم إلى مسلم وهو وهم، وممن فعل ذلك البيهقي في «سننه» (١) ، وإنما رواه مسلم (٢) بلفظ: «إذا دبغ الإهاب فقد طَهُر» .

واعتذر عنه الشيخ تقي الدين في كتاب «الإمام» ، فقال: «والبيهقي وقع له مثل ذلك في كتابه كثيراً، ويريد به أصل الحديث لا كل لفظة منه» ، قال: وذلك عندنا معيب جدّاً إذا قصد الاحتجاج بلفظة معينة؛ لأن فيها إيهام أن اللفظ المذكور أخرجه مسلم، مع أن المحدثين أعذر في هذا من الفقهاء؛ لأن مقصود المحدثين الإسناد ومعرفة المخرج، وعلى هذا الأسلوب ألفوا كتب الأطراف.

فأما الفقيه الذي يختلف نظره باختلاف اللفظ؛ فلا ينبغي له أن يحتج بأحد المخرجين، إلا إذا كانت اللفظة فيه» (٣) انتهى.

الإشكال الثالث: كيف يقال: إن لفظ مسلم متفق عليه، وغاية ما عند البخاري أنه من قول أبي هريرة، ولم يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

والجواب من أربعة وجوه:

الأول: في لفظ البخاري قسم مرفوع؛ وهو: «تنتهك ذمة الله ... » .

الثاني: ذكر أبو هريرة منع ما في أيدي أهلِ الذّمة لحديث سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يصرح في هذه الرواية بألفاظه، أو لم يسقه بتمامه، وإنما وقع


(١) (١/١٦) ، وكذا في «الخلافيات» (١/١٩٤ رقم ٥٣ - بتحقيقي) ، وكذا صنع المزي في «تحفة الأشراف» (٥/٥٣) ، وتعقبه ابن حجر في «النكت الظراف» ، فراجعه.
(٢) في «صحيحه» (رقم ٣٦٦) من حديث ابن عباس -رضي الله عنه-.
(٣) «نصب الراية» (١/١١٦) . وانظر في هذه النقولات وغيرها مع توجيهها: «نقد تعليقات الألباني على شرح الطحاوية» (ص ١٤-٢٨) للعلامة الشيخ إسماعيل الأنصاري -رحمه الله-، مع تعقبات أخينا الشيخ سمير الزهيري -حفظه الله- عليه في كتابه «فتح الباري في الذب عن الألباني» (ص ٩-١٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>