للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قتل من بني إسرائيل خلقٌ من الصُّلحاء، وأُسِر جماعةٌ من أولاد الأنبياء، وخُرِّب بيتُ المقدس بعد ما كان معموراً بالعباد والزُّهَّاد والأحبار والأنبياء، فصار خاوياً على عروشه، واهيَ البناء.

وقد اختلف الناسُ في كمية من قُتل ببغداد من المسلمين؛ فقيل: ثمان مئة ألف. وقيل: ألفُ ألف وثمانُ مئة ألف. وقيل: بلغت القتلى ألفي ألف نفس. فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم العلي العظيم.

وكان دخولُهم إلى بغداد في أواخر المحرم، وما زال السيف يقتل أهلَها أربعين صباحاً، وكان قتل الخليفة المستعصم بالله أمير المؤمنين يوم الأربعاء رابع عشر صفر، وعفَى قبرُه، وكان عمره يومئذ ستّاً وأربعين سنةً وأربعةَ أشهرٍ، ومدة خلافته خمسَ عشْرةَ سنة وثمانيةُ أشهرٍ وأيامٌ، وقُتل معه ولدُه الأكبر أبو العباس أحمد، وله خمس وعشرون سنة، ثم قُتل ولدُه الأوسط أبو الفضل عبدُالرحمن، وله ثلاثٌ وعشرون سنة، وأُسر ولدُه الأصغر مبارك، وأُسرت أخواته الثلاث؛ فاطمة وخديجة ومريم، وأُسر من دار الخلافة من الأبكار ما يقارب ألفَ بكر فيما قيل، والله أعلم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وقُتل أُستاذُدار (١) الخلافة الشيخُ محيي الدين يوسف بن الشيخ أبي الفرج ابن الجوزي، وكان عدوَّ الوزير، وقُتل أولاده الثلاثة؛ عبدُالرحمن، وعبدُالله، وعبدُالكريم، وأكابرُ الدولة واحداً بعد واحد، منهم الدُّوَيْدارُ الصغير مجاهد الدين أيْبَك، وشهابُ الدين سليمان شاه، وجماعةٌ من أمراء السُّنَّةِ وأكابرِ البلد.

وكان الرجلُ يُستدعى به من دار الخلافة من بني العباس، فيخرجُ


(١) أُستاذدار من الاستداريَّة؛ وهي: وظيفة موضوعها التحدث في أمر بيوت السلطان كلها من المطابخ والشراب خاناه والحاشية والغلمان. انظر: «صبح الأعشى» (٤/٢٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>