للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قامت الدنيا مثلُه (١) ، وقُتل الخليفةُ، وإن كان وقع في الدنيا أعظمُ منه إلا أنه أضيف له هوانُ الدِّين والبلاءُ الذي لم يختص، بل عمّ سائر المسلمين، وهذا أمرٌ قدره الله -تعالى-، فثبّط له عزم هذا الخليفة، ليقضِيَ الله ما قدره» .

ثم ذكر ما حصل للمسلمين في الشام، ومما قال:

«وشمخت النصارى بدمشق، وصاروا يرفعون الصليب، ويمرون به في الأسواق، والخمر معهم يرشُّونه على المساجد والمصلين، ومن رأى الصليب ولا يقوم له عاقبوه» (٢) !

ثالثاً: تتابعت غزوات التتار الذين أسسوا لهم عدةَ ممالك في بلاد الهند وبلخ وبخارى وغزنة والعراق، وصار منهم عدة ملوك فيها، ثم كان منهم ذلك الطاغية الجبار (تيمرلنك بن أيتمش) الذي ولد سنة (٧٢٨هـ) بقرية تسمى (خواجا أبغار) من عمل (كش) إحدى مدائن (ما وراء النهر) ، وهي تبعد عن سمرقند يوماً واحداً، وأمه من ذرية (جنكيز خان) اللعين، وكان منه ما كان في طروقه لبلاد العراق وبلاد الدولة العثمانية، ثم البلاد السورية، وكان منه فيها ما كان، وذلك في سنة (٨٠٣هـ) ، ثم هلك في سنة (٨٠٧هـ) (٣) .

رابعاً: الناظر في كتب التأريخ، ولا سيما في الغارات التي حصلت سنة (٨٠٣هـ) ، وقبل ذلك بقليل على بلاد المسلمين؛ يعلم علم اليقين أنها أخت الغارات التي تحدثنا عنها سابقاً، والتي كانت سنة (٦٥٦هـ) وسنة (٦٥٨هـ) ؛ لأنها أتمَّت تخريب هذه البلاد، وتقويض عمرانها، والقضاء على مدنيتها الزاهرة، والمدارس والعلوم التي كانت مشيّدة وزاخرة فيها.

وهذا تفصيل للخطيب الجوهري علي بن داود الصيرفي في كتابه «نزهة


(١) ترى ماذا سيقول لو رأى ما رأيناه، وسمع ما سمعناه؟!
(٢) (٨/٢٧٦) .
(٣) انظر: «شذرات الذهب» (٧/٦٢-٦٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>