للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«تُعرض (١) الفتن على القلوب كالحصير عُوداً عُوداً (٢) ، فأي قلب أُشربها (٣)

نُكت فيه نكتة (٤) سوداء، وأي قلب أنكرها (٥) نُكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا (٦) ، فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخرُ أسودُ مُربادّاً (٧) ، كالكوز مُجَخِّياً (٨) لا يعرف معروفاً ولا ينكر


(١) «تعرض الفتن» ؛ أي: تلصق بعرض القلوب -أي: جانبها- كما يلصق الحصير بجنب النائم ويؤثر فيه شدة التصاقها به. قاله النووي (٢/٢٢٦) .
(٢) «عوداً عوداً» ، قال النووي: هذان الحرفان مما اختلف في ضبطه على ثلاثة أوجه؛ أظهرها وأشهرها: عُوداً عُوداً. والثاني: عَوداً عَوداً. والثالث: عَوذاً عوذاً. ولم يذكر صاحب «التحرير» غير الأول. وأما القاضي عياض فذكر هذه الأوجه الثلاثة عن أئمتهم، واختار الأول ... -أيضاً-. انظر: «شرح النووي» (٢/٢٢٦) ، «إكمال المعلم» (١/٤٥٢) .
(٣) «فأي قلب أشربها» ؛ أي: دخلت فيه دخولاً تامّاً وألزمها، وحلت منه محل الشراب. ومنه قوله -تعالى-: {وأُشرِبُوا في قُلوبِهم العِجل} [البقرة: ٩٣] ؛ أي: حب العجل. ومنه قولهم: ثوب مشرب بحمرة؛ أي: خالطته الحمرة مخالطة لا انفكاك لها. قاله عياض (١/٤٥٣) ، والنووي (٢/٢٢٧) ..
(٤) «نكت فيه نكتة» ؛ أي: نقط نقطة. قال ابن دريد وغيره: كل نقطة في شيء بخلاف لونه فهو نكت. قاله عياض (١/٤٥٣) ، والنووي (٢/٢٢٧) .
(٥) «أنكرها» : ردّها.
(٦) «مثل الصفا» ، قال القاضي عياض -رحمه الله- (١/٤٥٣) : ليس تشبيهه بالصفا بياناً لبياضه، لكن صفة أخرى؛ لشدته على عقد الإيمان وسلامته من الخلل، وأن الفتن لم تلصق به ولم تؤثر فيه؛ كالصفا؛ وهو: الحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء، ونقله النووي (٢/٢٢٧) .
(٧) «مربادّاً» ، قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى- (٢/٢٢٧) : كذا هو في روايتنا، وأصول بلادنا، وهو منصوب على الحال. وذكر القاضي عياض [١/٤٥٤] خلافاً في ضبطه، وإن منهم من ضبطه كما ذكرنا، ومنهم من رواه مربئدّ. قال القاضي: وهذه رواية أكثر شيوخنا. وأصله أن لا يهمز، ويكون مربدّ؛ مثل: مسودّ ومحمرّ. وكذا ذكره أبو عبيد الهروي [في «غريبه» (٤/١٢١) ] ، وصححه بعض شيوخنا عن أبي مروان بن سرّاج؛ لأنه من اربدّ، إلا على لغة من قال: احمأرّ، بهمزة بعد ميم لالتقاء الساكنين. فيقال: اربأد ومربئد، والدال مشددة على القولين، وسيأتي تفسيره.
(٨) «مجخياً» ؛ معناه: مائلاً. كذا قاله الهروي وغيره. وفسره الراوي في الكتاب بقوله: =

<<  <  ج: ص:  >  >>