للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنالك مؤيدات كثيرة تدلل على أن المراد بالحديث الذهب الحقيقي، وأن الانحسار عن الفرات حقيقي وليس بالمعنوي، منها: ما قدمناه من آثار عن عدد من الصحابة في ذهاب ماء الفرات (١) .

وأشار بعض (٢) شراح الحديث أنه يدخل في الانحسار المذكور هنا:

ما أخرجه مسلم في «صحيحه» في كتاب الزكاة (باب الترغيب في الصدقة قبل أن لا يوجد من يقبلها) (رقم ١٠١٣) بسنده إلى أبي هريرة، قال: قال رسول الله:

«تقيء الأرض أفلاذ كبدها (٣) ، أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول: في هذا قتلتُ، ويجيء القاطع فيقول: في هذا قطعتُ رحمي، ويجيء السارق فيقول: في هذا قُطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئاً» .

ويحتمل أن يكون هذا القيء آخر الزمان، وأنه في غير وقت


(١) انظر ما تقدم (ص ٤٦٤ وما بعد) .
(٢) قال أبو العباس القرطبي في «المفهم» (٧/٢٢٨-٢٢٩) : «كأن هذا (أي: الكشف) إنما يكون إذا أخذت الأرضُ تقيء ما في جوفها، كما تقدم في كتاب (الزكاة) » . وانظر: «فتح الباري» (١٣/٨١) ، «تحفة الأحوذي» (٧/٢٩١) ، «درجات مرقاة الصعود» (ص ١٨٥) .
(٣) قال الطيبي في «شرح المشكاة» (١٠/٩٤) : «معناه: أن الأرضَ يُلقَى مِنْ بطنها ما فيه من الكنوز، وقيل ما رسخ فيها من العروق المعدنية، ويدل عليه قوله: «أمثال الأسطوانة» ، وشبهها بالأكباد حبّاً لأنها أحبّ ما هو مجنيٌّ فيها، كما أن الكبد أطيب ما في بطن الجزور وأحبه إلى العرب، وبأفلاذها هيئة وشكلاً كأنها قطع الكبد المقطوعة طولاً، وقد حكى عن ابن الأعرابي أنه قال: الفلذة لا تكون إلا للبعير.
وسمي ما في الأرض قطعاً تشبيهاً وتمثيلاً، واستعار القيء للإخراج.
أقول: قوله: «أفلاذ كبدها» استعارة مكنية مستلزمة للتخييل، شبه الأرض بالحيوان، ثم خيل لها ما يلازم الحيوان من الكبد، فأضاف إليها الكبد على التخييلة ليكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة، ثم فرع على الاستعارة القيء ترشيحاً» ونحوه في «المرقاة» (٥/١٧٣-١٧٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>