للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحجة والبرهان من قبل العلماء (١) ، والتخويف والتهديد من قبل السلطان، أو بهما جميعاً، أو بما يقضيه الله -عز وجل- في سنته الكونية.

وقد تفطن لهذا الإمام وهب بن منبه لما قال في نصيحته إلى أبي شَمِر ذي خولان، -وهي طويلة جدّاً- (٢) ، وفيها:

«ألا ترى يا ذا خولان! أني قد أدركت صدر الإسلام، فوالله ما كانت للخوارج جماعة قط إلا فرّقها الله على شر حالاتهم، وما أظهر أحد منهم قوله إلا ضرب الله عنقه، وما اجتمعت الأمة على رجل قط من الخوارج، ولو أمكن الله الخوارج من رأيهم لفسدت الأرض، وقطعت السبل، وقُطع الحج عن بيت الله الحرام (٣) ، وإذَنْ لعَادَ أمرُ الإسلام جاهلية حتى يعود الناس


(١) من أول زيارات شيخنا الألباني -رحمه الله- إلى الأردن: مجيئه سنة ١٩٧٣م لمناقشة هؤلاء، ووصل من دمشق إلى نواحي (عمان) بعد العشاء، وأخذ على الفور -بعد الصلاة- في مناقشتهم، واستمر ذلك إلى الفجر، وعادوا جميعاً عن رأيهم إلا واحد بقي على سوئه، حتى أصبح -والعياذ بالله- فيما بعد ملحداً مرتداً، يتنصل من الإسلام، ويتندّر به، وكان بعض الراجعين -ببركة هذا البيان- يعلن أمام طلبته -حتى في دروسه النظامية- رجوعه وتوبته.
(٢) انظرها بتمامها في «تاريخ دمشق» (١٧/ق٤٧٨-٤٧٩) ، و «سير أعلام النبلاء» (٤/٥٥٣-٥٥٥) ، و «تهذيب الكمال» (٣١/١٥٠-١٥٦) ، وقد نشرها أخونا الشيخ عبد السلام برجس بعنوان: (مناصحة الإمام وهب لرجل تأثّر بمذهب الخوارج) .
(٣) إي والله! والتاريخ الحديث شاهد على ذلك، وهذان مثالان مستعجلان:
الأول: اقترح داعية -منسوب يا للأسف للسلفية- في الجزائر -في خطبة جمعة ألقاها في وقت أزمة الخليج- الذهاب إلى بيت الله الحرام، والاعتصام هناك، قال بالحرف: «في هذا الحج نمشي جميعاً إلى البيت الحرام، ونعتصم به، فلا نخرج حتى تخرج أمريكا من الخليج» .
والآخر: قام رأس من رؤوس الإخوان المسلمين في الأردن -وهو: أحمد الأزايدة رحمه الله تعالى وغفر له- أمام حشد هائل في مهرجان خطابي، دعى فيه المسلمين إلى (مقاطعة) الحج إلى بيت الله الحرام، حتى يخرج الأمريكان من الخليج.
ولا أدري أيهما أخذ الفكرة من الآخر، وقل لي بربك -وتأمل قبل الجواب-! أيهما أفقه من الآخر؟! =

<<  <  ج: ص:  >  >>