للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«فهذا دليل أن ذلك كان من عرف اليهود واصطلاحهم، ومن المعلوم قطعاً أنه لم يكن ذلك من لغة العرب، كما يعلم قطعاً أن العرب لم تعارض القرآن، فما هو إلا من علم اليهود ومن أوضاع أسحارهم، وقد ثبت عن ابن عباس النهي عن عد أبي جاد، والإشارة إلى أن ذلك من السحر (١) ، وأما ما يفعل الشعراء من التاريخ بذلك العدد فلا بأس به، وغايته أنهم يختارون كلمة بذلك العدد، فيها حال يُطابق ما فعلوه له، والفأل الحسن لا بأس به، فذلك هو سنة، إذا كان على أسلوبه، إلا أن ما روي عن ابن عباس من النهي عنه ما يقضي بأنه لا يُفعل ذلك في شيء، وكلامنا في غير ما يفعلونه، وهو علم الأوفاق الذي ستعرفه.

فإن قلت: فقد أقر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حُيي بن أخطب على تفسير تلك الحروف بالأعداد!!

قلت (٢) :

أما أولاً: فمعلوم أن تلك الحروف ليست موضوعة للأعداد في العربية، وقد عُلم أنه -تعالى- أنزل القرآن عربيّاً فلا يُفسَّر العربي إلا بالأوضاع العربية لا بالأوضاع العبرانية.

وأما ثانياً: فقد عُلم مخالفته -صلى الله عليه وآله وسلم- لليهود في أفعالهم وأقوالهم؛ فسكوته عن الإنكار هذا كسكوته عن الإنكار إذا مروا إلى كنائسهم.


(١) يشير إلى ما أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (١١/٢٦ رقم ٩١٨٠٥) ، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٨/١٣٩) بسند صحيح عن ابن عباس، قال في قوم يكتبون أبا جاد، وينظرون في النجوم: لا أدري لمن فعل ذلك من خلاق. وروي مرفوعاً عند الطبراني في «الكبير» (١١/٤١ رقم ١٠٩٨٠) مرفوعاً، بسند فيه كذاب. انظر: «مجمع الزوائد» (٥/١١٧) .
(٢) الوجوه الآتية على فرض صحة الخبر، وهي التي وعدنا بها قريباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>