للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحاديث الصحيحة في بابتها مهجورة، ولا تكاد تسمع أحداً يذكر شيئاً منها، على الرغم ما فيها من خير وبركة، ولِمَا لذلك من أهمية وضرورة، ليس هذا موضع بسطها.

والأمر لم يقتصر في السوء على هذا الحد، بل تجاوزه إلى اعتماد ما ليس بمعتَمَدٍ، والاحتجاج بما لا زِمامَ له ولا خِطامَ، ولا سيما في وقت الفتن، فيخرج علينا فيها بين الحين والحين خبرٌ مصنوعٌ، مأخوذ من مصدر ساقط (١) ،


(١) مثل كتاب (الجفر) الذي شاع خبره في الفتنة التي حصلت من قريبٍ في بعض ديار المسلمين، وهو -على حدِّ الأكاذيب التي فيه (ص ٥) -: «علم بقوانين حَرفية (نسبة إلى الحَرف) ، يصل بها إلى استنباط المجهولات من الحوادث الكونية» ، بل -زعم واضعوه- بقولهم فيه (ص ٥) -أيضاً-: «يمكن أن يُفهمَ منه أحوالُ الإنسان الماضي والحال والمستقبل، وكيفيته الحادثة بهذه الطريقة» .
وهذا الكتاب منسوب للصحابي الجليل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- تارة، وتارة إلى جعفر الصادق -رحمه الله-.

وهذا الكتاب من مصادر كتاب «الكافي» للكليني؛ ففي كتاب الحجة منه: (باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامع) (١/٢٣٨-٢٤٠) ، وفيه على لسان علي -رضي الله عنه-: «وإن عندنا الجفر، وما يدريهم ما الجفر؟ قال: قلت: وما الجفر؟ قال: وعاء من أدم فيه علم النبيين والوصيين، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل» ، وفيه: « ... ما يحدث بالليل والنهار، الأمر من بعد الأمر، والشيء بعد الشيء إلى يوم القيامة» !!
وفي هذا الكتاب من أمور الغيب والأحداث والأسرار الشيء الكثير، ويزعم الإمامية أن جعفراً الصادق -رحمه الله- كتب لهم كل ما يحتاجون إليه، وكل ما سيقع ويكون إلى يوم القيامة، وكان مكتوباً عنده في جلد ماعز؛ فكتبه عنه هارونُ بنُ سعيد العجلي رأس الزيدية، وسماه (الجفر) باسم الجلد الذي كتب فيه، وهذا زعم باطل مخالف لما يعتقده المسلمون من أن الغيب لا يعمله إلا الله -سبحانه-، ومن ارتضى من رسله، قال -تعالى-: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً. إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رسُولٍ} [الجن: ٢٦-٢٧] .
قال السيد محمد رشيد رضا في مجلة «المنار» (٤/٦٠) وفي «الفتاوى» له (٤/١٣٠٧ رقم ٥١٥) :
«لا يعرف له سند إلى أمير المؤمنين، وليس على النافي دليل، وإنما يطلب الدليل من =

<<  <  ج: ص:  >  >>