للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كان بعد ذلك جعلنا نأمر الناس بإخلاص الدين لله، والاستغاثة به، وأنهم لا يستغيثون إلا إياه، لا يستغيثون بملك مقرب ولا نبي مرسل، كما قال -تعالى- يوم بدر: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُم} [سورة الأنفال: ٩] ... » ، وقال:


= الظلم، وردوا المظالم إلى أهلها، وأحيوا السنن، وأخمدوا نيران البدع والفتن؛ لفتح الله عليهم باب الجهاد، وقاتلوا كما أمروا؛ كفاهم الله كل مؤونة، وأمدهم بجنود لا يرونها، كما أمد أصحاب نبيه سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - بذلك، ووقاهم شر عدوهم، وهذا من الأمور المشاهدة.
انظر: «نصيحة أهل الإسلام» (ص ١٤٤) .
والخلط والخبط في الأزمات يشتدّ، ولا سيما في أحكام الجهاد؛ فهذا قائل بوجوب القتال مع العراق، وآخر بوجوب القتال ضدّه، وكلا الصنفين ينعت وجوبه بـ: «الشرعي» ، وتكرر هذا الخلط عدة مرات، ابتداءً من الحرب ضد إيران، ومروراً باحتلال الكويت، وأخيراً عند قدوم الأمريكان! -والله أعلم بما سيكون في قابل الزمان- ووراء كل صنف أعلام ومؤسسات وهيئات للفتوى!
و (الشباب) متحمِّس ومتوثب ومتثبِّت، ومواقفهم -ما لم يعصمهم اللَّه- متذبذبة، وسماع الوجوب العيني مع عدم فعله له آثار تربوية سيّئة مدمرة! لا يقدّره إلا الراسخون المربون من العلماء.
أَمَا آن للمفتين قبل استدعاء النصوص -التي يعرفها كل طالب علم- فحص المكان والواقع الذي سَتُنزَّل عليه، والنظر إلى المآلات؟!
وأخيراً ... إنّ إماتة لفظة (الجهاد) من مشاعر المسلمين، سواء بسوء استخدامها، ووضعها في غير مكانها، أو بإيجابها على عاجزين، لا يقل سُوءاً عن صنيع تلك الثلة التي تعمل على إخماد نورها وإطفاء لهيبها! والمحصّلة والثمرة واحدة، فهل من مدكر؟!
والذي أراه ضرورةً؛ مراعاة المفتين إعادة (الهيبة) إلى هذا (المصطلح) ؛ بترك ابتذاله، وسوء إسقاطه، وكذا من الخطباء والوعاظ؛ بترك استخدامه زينةً -فحسب- لخطب رنانة، وكذا من الدعاة والأحزاب؛ بترك توظيفه للوصول إلى أعناق الجماهير، والمجالس النيابيّة، وتزيينه بالبيانات الحزبية، وإنما العمل على التكامل بينهم للنهوض بواجب الوقت، والوصول بالأمة إلى ذروة السنام، وترك التآكل، والبُعد عن السذاجة وتفويت فرص التربّص، والتربية الشرعية الجادة الموصلة للولاية لله ورسوله والمؤمنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>