للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الثالث: إذا خرج بُغَاة على الإِمام الشرعيّ، فالصواب مناصرته عليهم وعدم خِذْلانه بزعم مشروعية العزلة في مثل ذلك، قال الإِمام الطبري - رحمه الله تعالى-: "والصواب أن يُقال: إن الفتنةَ أصلها الابتلاء، وإنكار المنكر واجب على كل مَنْ قدر عليه، فمن أعان المحق أصاب، ومَنْ أعان المخطئ أخطأ، وإن أُشكل الأمرُ فهي الحالة التي ورد النهي عن القتال فيها" (١) اهـ.

الرابع: أما ما وقع بين الصحابة - رضي الله عنه - من الاقتتال: "فلا يجوز أن يُنسب إلى أحد منهم خطأ مقطوع به؛ إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه، وأرادوا الله -عزَّ وجلَّ- وهم كلهم لنا أئمة، وقد تُعُبِّدنا بالكفِّ عَمَّا شجر بينهم، وألَّا نذكرهم إلَّا بأحسن الذكر؛ لحرمة الصحبة، ولنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن سَبّهم، وأن الله غفر لهم، وأخبر بالرضا عنهم" (٢).

ومما يُنَجِّي من الفتنة لُزومُ الجماعة:

من لطف الله تعالى بهذه الأمة المرحومة أنه- عَزَّ وجَلَّ- لا يجمعها على ضلالة أبدًا، بل الحق فيها دائم ما دامت الأمة، فقد ضمن -تبارك وتعالى- بقاء طائفة من الأمة ثابتة على الحق مستمسكة به حتى يأتيها أمر الله، وهي على ذلك.


(١) نقله عنه الحافظ في "الفتح" (١٣/ ٣٥).
(٢) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٦/ ٣٢١، ٣٢٢)، و"شرح النووي لصحيح مسلم" (١٨/ ١١).

<<  <   >  >>