للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "والكلام أسيرك، فإذا خرج من فِيكَ صِرْتَ أنت أسيرَه، واللهُ عندَ لسانِ كلِّ قائلٍ: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨)} [ق: ١٨] " (١).

وقال بعضهم: "رأيت مالكًا صامتًا لا يتكلم، ولا يلتفت يمينًا ولا شمالًا، إلَّا أن يكلمه إنسان فيسمع منه، ثم يجيبه بشيء يسير، فقيل له في ذلك، فقال: وهل يَكُبُّ الناسَ في جهنم إلَّا هذا؟ وأشار إلى لسانه" (٢).

وعن أبي بكر بن عياش قال: "أدنى نفعِ السكوتِ السلامةُ،- وكفى به عافية، وأدنى ضررِ المنطقِ الشهرةُ، وكفى بها بلية" (٣).

ما إن ندمت على سكوتي مرّة ... ولقد ندمت على الكلام مرارا

وعن إبراهيم، قال: "كانوا يجلسون، فأطولهم سكوتَا أفضلُهم في أنفسهم" (٤).

وعن محارب، قال: "صحبنا القاسم بن عبد الرحمن فغلبنا بثلاث: بكثرة الصلاة، وطولِ الصمت، وسخاء النفس" (٥).

وحضر ابن المبارك يومًا عند الثوري، فلم يتكلم بحرف حتى قام، فلما قام قال الثوري لأصحابه: "وددت أني أقدر أن أكون مثلَه" (٦).


(١) "الجواب الكافي" ص (٢٨١).
(٢) "ترتيب المدارك" (١/ ١٧٩).
(٣) "سير أعلام النبلاء" (٨/ ٥٠١).
(٤) "الحلية" (٤/ ٢٢٤)، "الزهد" لابن أبي عاصم رقم (٥٥) ص (٣٨).
(٥) "الزهد" لابن أبي عاصم رقم (٧٩) ص (٤٦).
(٦) تقدمة "الجرح والتعديل" ص (٢٦٦).

<<  <   >  >>