للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال الإِمام النووي -رحمه الله تعالى-: "اعلم أنه ينبغي لكل مكلَّف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلَّا كلامًا ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلامُ وتركُه في المصلحة، فالسُّنَّة الإمساك عنه؛ لأنه قد ينجرُّ الكلامُ المباح إلى حرام أو مَكروه، وذلك كثير في العادة، والسلامة (١) لا يعدلها شيء.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: (مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت) متفق عليه (٢)، وهذا الحديث صريح في أنه ينبغي ألَّا يتكلم إلا إذا كان الكلامُ خيرًا، وهو الذي ظهرت مصلحتُه، ومتى شكَّ في ظهور المصلحة فلا يتكلم" (٣) اهـ.

وقد قال الإِمام الشافعي -رحمه الله-: "إذا أراد الكلامَ فعليه أن يفكر قبل كلامه، فإن ظهرت المصلحة تكلم، وإن شكَّ لم يتكلم حتى تظهر" (٤) اهـ.


(١) السلامة: هي البراءة من العيوب، كما في "القاموس"، وهي من الكلمات الجوامع، فإن من سلم نجا، فهي قريبة من العافية؛ ولذا تكون دعوة الرسل عند مرور الناس على الصراط: "اللهم، سلِّم سلِّم"، وكان عبد الله بن الخيار يقول في مجلسه: "اللهم سلَمِّنا، وسلِّم المؤمنين منا"، وقال الشاعر:
وقائلة لي ما لي أراك مُجَنِّبًا ... أمورًا وفيها للتجارة مربحُ
فقلت لها: كفِّي ملامَكِ واسمعي ... فنحنُ أناس بالسلامةِ نفرحُ
(٢) تقدم تخريجه ص (٦٨).
(٣) "رياض الصالحين" مع "دليل الفالحين" (٤/ ٣٤٧، ٣٤٨).
(٤) "الأذكار النووية" ص (٢٨٤).

<<  <   >  >>