للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المُضْرِمين نارَها، ومِن ثَمَّ قال وهيب بن الورد - رحمه الله -: "وجدتُ العزلة في اللسان" (١).

وعن عبد الله بن المبارك قال: قال بعضهم في تفسير العزلة: "هو أن يكون مع القوم، فإن خاضوا في ذكر الله فخُض معهم، وإن خاضوا في غير ذلك فأسكت" (٢).

وعن حذيفة رضي الله عنه، قال: "إن الفتنة وُكِّلَتْ بثلاث: بالحادِّ النِّحْرِيرِ الذي لا يرتفع له شيء إلَّا قمعه بالسيف (٣)، وبالخطيب الذي يدعو إليها (٤)، وبالسيد (٥)، فأما هذان فتبطحهما لوجوههما، وأما السيد فتبحثه، حتى تبلو ما عنده" (٦).

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال لما ذُكِرت عنده الفتن، وسُئل: أي أهل ذلك الزمان شر؟ قال: "كل خطيب مِسْقَعٍ (٧)، وكل راكب مُوضِع" (٨).


(١) "الصمت" لابن أبي الدنيا رقم (٣٨).
(٢) "المصدر نفسه" رقم (٣٧).
(٣) الحادُّ: النشيط القوي القلب، أو الطائش، والنِّحْرير: العالم الحاذق في علمه. ومراده: أن مثل هذا المتهور لا رجاء له في النجاة؛ لأنه يفكر بسيفه.
(٤) وهذا كسابقه صاحب سيف، لكن سيفه لسانه.
(٥) لأن الفتنة امتحانٌ له.
(٦) "حلية الأولياء" (١/ ٢٧٤).
(٧) الخطيب المِسْقَعِ والمِصْقَع: البليغ، أو: من لا يُرْتَجُ عليه في كلامه، ولا يتتعتع.
وإنما قال ابن مسعود - رضي الله عنه - ذلك؛ لأن الأول محرِّضٌ على الفتنة بلسانه، والآخر بسنانه، فاجتمع الشران: شر القول، وشر العمل.
(٨) "شرح السّنَّة" (١٥/ ١٦) ن والراكب المُوضِع في الفتنة: المُسْرعُ فيها.

<<  <   >  >>