للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله، ولا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره، ولا تطلعه على سرك، واستشر في أمرك الذين يخشون الله تعالى.

قال يحيى بن معاذ: بئس الصديق تحتاج أن يقول له: اذكرنى في دعائك، وأن تعيش معه بالمداراة، أو تحتاج أن تعتذر إليه.

ودخل جماعة على الحسن وهو نائم، فجعل بعضهم يأكل من فاكهة في البيت، فقال: رحمك الله، هذا والله فعل الإخوان.

وقال أبو جعفر لأصحابه: أيدخل أحدكم يده في كم أخيه فيأخذ منه ما يريد؟ قالوا: لا، قال: فلستم بإخوان كما تزعمون.

ويروى أن فتحاً الموصلي جاء إلى صديق له يقال له: عيسى التمار، فلم يجده في المنزل، فقال للخادمة: أخرجي لى كيس أخى، فأخرجته، فأخذ منه درهمين، وجاء عيسى إلى منزله فأخبرته الجارية بذلك، فقال: إن كنت صادقة، فأنت حرة، فنظر فإذا هى قد صدقت، فعتقت.

[٢ ـ فصل في بيان ما على الإنسان لأخيه من الحقوق]

الحق الأول: قضاء الحاجات والقيام بها، وذلك درجات: أدناها: القيام بالحاجة عند السؤال والقدرة، لكن مع البشاشة والاستبشار.

وأوسطها: القيام بالحوائج من غير سؤال.

وأعلاها: تقديم حوائجه على حوائج النفس.

وقد كان بعض السلف يتفقد عيال أخيه بعد موته أربعين سنة فيقضى حوائجهم.

الحق الثاني: على اللسان بالسكوت تارة، وبالنطق أخرى.

أما السكوت، فهو أن يسكت عن ذكر عيوبه في حضوره وغيبته، وعن الرد عليه ومماراته ومناقشته، وعن السؤال عما يكره ظهوره من أحواله. ولا يسأله إذا لقيه: إلى أين؟ فربما لا يريد إعلامه بذلك، وأن يكتم سره ولو بعد القطيعة، ولا يقدح في أحبابه وأهله، ولا يبلغه قدح غيره فيه.

الحق الثالث: وينبغى أن يسكت عن كل ما يكرهه، إلا إذا وجب عليه النطق في

<<  <   >  >>