للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لاسيما فيما يتعلق بالله تعالى، ولا يقدر على تقويم اللفظ بذلك إلا العلماء الفصحاء، فمن قصر في علم أو فصاحة، لم يخل كلامه عن الزلل، لكن يعفو الله عنه لجهله.

مثال ذلك ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: "لا يقل أحدكم: ما شاء الله شئت، ولكن ليقل، ما شاء الله ثم شئت" (١)، وذلك لأن في العطف المطلق تشريكاً وتسوية، وقريب من ذلك إنكاره على الخطيب قوله: "ومن يعصهما فقد غوى" وقال: "ومن يعص الله ورسوله".

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يقل أحدكم: عبدى وأمتى، كلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل، غلامي وجاريتي".

وقال النخعى: إذا قال الرجل للرجل: يا حمار، يا خنزير، قيل له يوم القيامة: أرأيتني خلقته حماراً، أو أرأيتني خلقته خنزيراً.

فهذا وأمثاله مما يدخل في الكلام، ولا يمكن حصره، ومن تأمل ما أوردناه في آفات اللسان، علم أنه إذا أطلق لسانه لم يسلم، وعند ذلك يعرف سر قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "من صمت نجا"، لأن هذه الآفات مهالك وهى على طريق المتكلم، فإن سكت سلم.

[٥ ـ فصل [لا تسأل عن صفات الله عز وجل]]

ومن آفات العوام سؤالهم عن صفات الله سبحانه وتعالى وكلامه.

اعلم: أن الشيطان يخيل إلى العامي أنك بخوضك في العلم تكون من العلماء وأهل الفضل، فلا يزال يحبب إليه ذلك حتى يتكلم بما هو كفر وهو لا يدرى. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " يوشك الناس أن يسألوا، حتى يقولوا: هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله؟ " فسؤال العوام عن غوامض العلم أعظم الآفات، وبحثهم عن معاني الصفات مما يفسدهم لا مما يصلحهم، إذ الواجب عليهم التسليم، فالأولى بالعامي الإيمان بما ورد به القرآن، ثم التسليم لما جاء به الرسول من غير بحث،


(١) وفى هذا الحديث دليل على أن المرء مؤاخذ بلفظه كما هو مؤاخذ بنيته، ولذا يجب على المسلم أن يخص الله بالعبادة والدعاء والتوكل والاستعانة، ولا يشرك معه غيره بذلك.

<<  <   >  >>