للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليها؟ فاستحى الرجل، فألقى عليه خميصة (١) كانت عليه، وأمر له بألف درهم، فكان الرجل بعد ذلك يقول: أشهد أنك من أولاد الرسول.

وقال رجل لوهب بن منبه: إن فلاناً شتمك، فقال: ما وجد الشيطان بريداً غيرك.

[٤ ـ فصل في العفو والرفق]

أعلم: أن معنى العفو أن تستحق حقاً فتسقطه، وتؤدى عنه من قصاص أو غرامة، وهو غير الحلم والكظم. وقال الله تعالى: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}. [آل عمران: ١٣٤] وقال: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: ٤٠]، وفى الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله".

وعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا عقبة، ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟ تصل من قطعك، وتعطى من حرمك، وتعفو عمن ظلمك" (٢).

وروى أن منادياً ينادى يوم القيامة: ليقم من وقع أجره على الله؟ فلا يقوم إلا من عفا عمن ظلمه.

وعن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطى عليه مالا يعطي على العنف".

وفى "الصحيحين" من حديث عائشة رضى الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "إن الله عز وجل يحب الرفق في الأمر كله".

وفى حديث آخر "من يحرم الرفق يحرم الخير".


(١) الخميصة: كساء أسود مربع له علمان، فان لم يكن معلماً فليس بخميصة.
(٢) قال الحافظ العراقي: رواه ابن أبي الدنيا، والطبراني في "مكارم الأخلاق" والبيهقي في "الشعب" بإسناد ضعيف.

<<  <   >  >>