للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١٢ ـ بيان علاج الحرص والطمع والدواء الذي تكتسب به صفة القناعة]

اعلم: أن هذا الدواء مركب من ثلاثة أركان:

الصبر، والعلم، والعمل، ومجموع ذلك خمسة أمور:

الأول: الاقتصاد في المعيشة، والرفق في الإنفاق، فمن أراد اقناعة فينبغي أن يسد عن نفسه أبواب الخروج ما أمكنه، ويرد نفسه إلى ما لابد منه، فيقنع بأي طعام كان، وقليل من الإدام، وثوب واحد، ويوطن نفسه على ذلك، وإن كان له عيال، فيرد كل واحد إلى هذا القدر.

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ما عال من اقتصد" (١) وفى حدث آخر: "التدبير نصف العيش" (٢). وفى حديث آخر: "ثلاث منجيات: خشية الله تعالى في السر والعلانية، والقصد في الغنى والفقير، والعدل في الرضى والغضب".

الثاني: إذا تيسر له في الحال ما يكفيه، فلا يكون شديد الاضطراب لأجل المستقبل ويعينه على ذلك قصر الأمل، واليقين بأن رزقه لا بد أن يأتيه، وليعلم أن الشيطان يعده الفقر.

وعن ابن مسعود رضى الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "إن روح القدس نفث في روعى، أنه ليس من نفس تموت حتى تستكمل رزقها واجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله عز وجل، فإنه لا يدرك عند الله إلا بطاعته".

وإذا انسد عنه باب كان ينتظر الرزق منه، فلا ينبغي أن يضطرب قلبه، فإن في الحديث: " أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يحتسب (٣).

الثالث: أن يعرف ما في القناعة من عز الاستغناء، وما في الطمع والحرص من الذل.


(١) قال العراقي: رواه أحمد والطبراني من حديث ابن مسعود، ومن حديث ابن عباس. وكلاهما ضعيف.
(٢) رواه الديلمي في "مسند الفردوس" من حديث أنس، وفيه خلاد بن عيسى جهله العقيلي ووثقه ابن معين.
(٣) أخرجه الديلمي من حديث أبى هريرة من رواية عمر بن راشد، وهو ضعيف جداً، وقال البيهقي: ضعيف بالمرة، وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات"، ورواه ابن حبان في "الضعفاء" من حديث علي بإسناد واه.

<<  <   >  >>