للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عكسه، وهو الكفر وبعض ذلك تصفه بالكراهة، وبعضه بالحظر.

ومن ذلك أن الله تعالى خلق لك يدين، جعل إحداهما أقوى من الأخرى، فاستحقت بمزيد القوة رجحاناً وشرفاً على الأخرى، وقد أحوجك من أعطاك اليدين إلى أعمال، بعضها شريفة، كأخذ المصحف، وبعضها خسيسة، كإزالة النجاسة، فإذا أخذت المصحف باليسار، وأزلت النجاسة باليمين، فقد عكست المقصود، وخصصت الشريف بما هو خسيس، فظلمته.

وكذلك في الرجلين، إذا ابتدأت باليسرى في لبس الخف، فقد ظلمت اليمنى، لأن الخف وقاية الرجل، وقس على ذلك.

وكذلك نقول: من كسر غصناً من شجرة لغير حاجة مهمة وغرض صحيح، فقد خالف الحكمة في خلق الأشجار، لأنها خلقت للمنفعة بها، فإن كان كسره لغرض صحيح، فلا بأس، وإن فعل ذلك في ملك غيره، فهو ظالم، وإن كان محتاجاً، إلا أن يأذن صاحبه.

[٧ ـ فصل في بيان النعم وحقيقتها وأقسامها]

اعلم: أن كل مطلوب يسمى نعمة، ولكن النعمة في الحقيقة هي السعادة الأخروية، وتسمية ما عداها نعمة تجوز، والأمور كلها بالإضافة إلينا تنقسم أربعة أقسام:

أحدهما: ما هو نافع في الدنيا والآخرة جميعاً، كالعلم، وحسن الخلق، وهو النعمة الحقيقية.

الثاني: ما هو ضار فيهما جميعاً، وهو البلاء حقيقة.

القسم الثالث: ما ينفع في الحال، ويضر في المآل، كالتلذذ، واتباع الشهوات، فهو بلاء عند ذوى الأبصار، والجاهل يظنه نعمة.

ومثاله: الجائع إذا وجد عسلاً فيه سم، فأنه يعده نعمة إن كان جاهلاً، فإذا علم ذلك عدة بلاًء.

القسم الربع: الضار فىالحال، النافع في المآل، وهو نعمة عند ذوى الألباب، بلاء عند الجهال.

ومثاله: الدواء الشنيع مذاقه في الحال، الشافي في المآل من الأسقام، فالصبى

<<  <   >  >>