للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالناس كلهم هلكى، إلا العالمون، والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون، والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم (١).

فالعمل بغير نية عناء، والنية بغير إخلاص رياء، والإخلاص من غير تحقيق هباء. قال الله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: ٢٣]. وليت شعرى، كيف تصلح نية من لا يعرف حقيقة النية؟ أو كيف يخلص من صحح النية إذا لم يعرف حقيقة الإخلاص؟ ‍ أو كيف يطالب المخلص نفسه بالصدق إذا لم يتحقق معناه؟

فالوظيفة الأولى على كل عبد أراد طاعة الله تعالى، أن يعلم النية أولاً، لتحصل له المعرفة، ثم يصححها بالعمل بعد فهم حقيقة الصدق والإخلاص اللذين هما وسيلتان للعبد إلى النجاة. ونحن نذكر ذلك في ثلاثة فصول:

[٩ ـ الفصل الأول في النية وحقيقتها وفضلها وما يتعلق بذلك]

قال الله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: ٥٢] والمراد بالإرادة: النية.

وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه".

وعن أبى موسى الأشعرى قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياءً، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله". أخرجاهما في "الصحيحين".

وعن جابر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لقد خلفتم بالمدينة رجالاً، ما قطعتم وادياً، ولا سلكتم طريقاً، إلا شاركوكم في الأجر، حبسهم المرض" أخرجه مسلم، وأخرجه البخاري من حديث أنس.


(١) انظر صفحة (٢٥٠) حول هذا الكلام.

<<  <   >  >>