للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعذبون بعد الموت.

وفى "الصحيحين" عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن أحدكم إذا مات، عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة".

وقد تقدم أن الإنسان إذا انكشفت له سيئاته تحسر لها وتألم تألماً عظيماً، فأما المؤمن، فقال عبد الله بن عمر: مثل المؤمن حيث تخرج نفسه مثل رجل كان في سجن فأخرج منه، فهو يتفسح في الأرض، ويتقلب فيها. وهو صحيح، فإن المؤمن ينكشف عليه عقيب الموت من فضل الله وكرامته ما تكون الدنيا بالإضافة إليه كالسجن، فيكون محبوس في بيت مظلم فتح له باب إلى بستان واسع الأكناف، فيه أنواع الأشجار، فلا يسره الرجوع إلى الدنيا كما لا يسره العود إلي بطن أمه.

وقال مجاهد: إن المؤمن ليبشر بصلاح ولده من بعد لتقر بذلك عينه.

[٣٠ ـ فصل في ذكر القبر]

روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار" (١).

وروى أيضاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "يقول القبر للميت حين يوضع فيه: ويحك يا ابن آدم! ما غرك؟! ألم تعلم أنى بيت الظلمة، وبيت الوحدة، وبيت الدود؟ " (٢).

وروى الترمذي عن أبى سعيد قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مصلاه، فرأى ناساً كأنهم يكثرون، فقال: "أما إنكم لو أكثرتم من ذكر هاذم اللذات لشغلكم عما أرى، فأكثروا ذكر هاذم اللذات الموت، فإنه لم يأت على القبر يوم إلا يتكلم فيقول: أنا بيت الغربة، أنا بيت الوحدة، أنا بيت التراب، أنا بيت الدود. فإذا دفن العبد المؤمن قال له القبر: مرحباً وأهلاً، أما إن كنت لأحب من يمشى على ظهري إلي، فإذ وليتك اليوم وصرت إلي، فسترى صنيعي بك، فيتسع له مد البصر، ويفتح له باب إلى الجنة، وإذا دفن العبد الفاجر أو الكافر قال له القبر: لا


(١) أخرجه الطبرانى في "الأوسط" من حديث أبى هريرة وفى سنده محمد بن أيوب بن سويد الرملي وهو ضعيف.
(٢) أخرجه أبو يعلى والطبراني في "الكبير"، وفى سنده أبو بكر بن أبى مريم، وهو ضعيف كان قد سرق بيته فاختلط.

<<  <   >  >>