للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان بعضهم إذا صام ضعف عن قراءة القرآن، فكان يكثر الفطر حتى يقدر على التلاوة، وكل إنسان أعلم بحاله وما يصلحه (١).

[كتاب الحج وأسراره وفضائله وآدابه ونحو ذلك]

ينبغي لمن أراد الحج أن يبدأ بالتوبة، ورد المظالم، وقضاء الديون، وإعداد النفقة لكل من تلزمه نفقته إلى وقت الرجوع، ويرد ما عنده من الودائع.

ويستصحب من المال الحلال ما يكفيه لذهابه ورجوعه من غير تقتير، على وجه يمكنه معه التوسع بى الزاد، والرفق بالفقراء.

ويستصحب ما يصلحه كالسواك، والمشط والمرآة، والمكحلة.

ويتصدق بشئ قبل خروجه وإذا اكترى فليظهر للجمال كل ما يريد أن يحمله من قليل وكثير. وقد قال رجل لابن المبارك: احمل لى هذه الرقعة إلى فلان. فقال: حتى أستأذن الجمال.

وينبغى أن يلتمس رفيقا صالحاً محباً للخير معيناً عليه، إن نسى ذكره، وإن ذكر أعانه، وإن ضاق صدره صبره.

وليؤمر الرفقاء عليهم أحسنهم خلقاً، وأرفقهم بالأصحاب، وإنما احتيج إلى التأمير لأن الآراء تختلف، فلا ينتظم التدبير، وعلى الأمير الرفق بالقوم، والنظر في مصالحهم، وأن يجعل نفسه وقاية لهم.

وينبغى للمسافر تطيب الكلام، وإطعام الطعام، وإظهار محاسن الأخلاق، فإن السفر يخرج خفايا الباطن، ومن كان في السفر آذى هو مظنة الضجر حِسنَ الخلق، كان في الحضر أحسن خلقاً.


(١) قال ابن عبد البر في "التمهيد":
كتب العمري العابد إلى مالك رحمه الله يحضه على الانفراد والعمل ويرغبه عن الاجتماع إليه في العلم، فكتب إليه مالك:
إن الله تعالى قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فرب رجل فتح له في الصلاة ولم يفتح له في الصوم وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصيام، وآخر فتح له في الجهاد ولم يفتح له الصلاة. ونشر العلم وتعليمه من أشرف أعمال البر. وقد رضيت بما فتح الله عز وجل فيه من ذلك، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر، ويجب على كل منا أن يرضي بما قسم له والسلام.

<<  <   >  >>