للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[كتاب آداب الكسب والمعاش وفضله وصحة المعاملة وما يتعلق بذلك]

اعلم أن الله سبحانه وتعالى بلطيف حكمته جعل الدنيا دار تسبب واكتساب، تارة للمعاش، وتارة للمعاد، ونحن نورد آداب التجارات، والصناعات، وضرورة الاكتساب وأسبابها ونشرحها.

[١ ـ فصل في الكسب والحث عليه]

قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: ١١]، فذكره فى معرض الامتنان، وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [الأعراف: ١٠] فجعلها نعمة، وطلب الشكر عليها، وقال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨].

وفى الحديث أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: "طلب الحلال جهاد" (١) و "إن الله ليحب العبد المحترف" (٢) وفى أفراد البخارى أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبى الله داود كان يأكل من عمل يده".

وفى حديث آخر: "أن زكريا عليه السلام كان نجاراً".

قال ابن عباس رضى الله عنهما: كان آدم عليه السلام حراثاً، ونوح نجاراً، وإدريس خياطاً، وإبراهيم ولوط زرًّاعين، وصالح تاجراً، وداود زراداً، وموسى وشعيب ومحمد صلوات الله عليهم رعاة.

وأما الآثار فروى أن لقمان الحكيم قال لابنه: يا بنى استعن بالكسب الحلال، فإنه ما افتقر أحد قط إلا أصابه ثلاث خصال: رقة فى دينه، وضعف فى عقله، وذهاب


(١) أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" عن ابن عباس، وأبو نعيم في "الحلية" عن ابن عمر، وفي سنده محمد بن مروان السدي الصغير، قال في "الميزان" تركوه، واتهم بالكذب، وأورد له من منكراته هذا الحديث.
(٢) رواه الطبراني وابن عدي من حديث ابن عمر، وضعفه، ورواه البيهقي وقال: تفرد به أبو الربيع عن عاصم وليسا بالقويين، وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح، قال في "الميزان". أشعث بن سعيد أبو الربيع السمان البصري، قال أحمد: مضطرب الحديث، ليس بذاك، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: لا يكتب حديثه، وقال الدارقطني: متروك، ثم أورد له من منكراته هذا الحديث.

<<  <   >  >>