للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"الحلال بين، والحرام بين، وبينها أمور مشتبهات".

ولما كانت هذه الدعوى من هؤلاء الجهال بدعة قد عم ضررها، واستطار فى الدين شررها، وجب كشف الغطاء عن فسادها بالإرشاد إلى مدرك الفرق بين الحلال والشبهة.

ونحن نوضح ذلك في أقسام:

القسم الأول: في فضيلة طلب الحلال، وذم الحرام، ودرجات الحلال والحرام. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: ٥١]، والطيبات: الحلال، فأمر بذلك قبل العمل، وقال في ذم الحرام: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨]، إلى غير ذلك من الآيات.

وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً" وذكر الحديث إلى قوله: "ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، يارب يارب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذى بالحرام، فأنى يستجاب لذلك" رواه مسلم. وروي في ذلك غير حديث.

وروى أن سعداً سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تستجاب دعوته، فقال له "أطب طعمتك تستجب دعوتك" (١).

وقد كان السلف ينظرون في الحلال ويدققون فيه، فأكل أبو بكر الصديق رضى الله عنه شيئاً من شبهة ثم قاءه (٢).

[٦ ـ فصل في درجات الحلال والحرام]

أعلم: أن الحلال كله طيب، ولكن بعضه أطيب من بعض، والحرام كله خبيث، ولكن بعضه أخبث من بعض، كما أن الطيب يحكم على كل حلو بالحرارة،


(١) قال العراقي في تخريج "الأحياء". رواه االطبراني في "الأوسط" من حديث ابن عباس، وفيه من لا أعرفه.
(٢) إنما فعل أبو بكر ذلك، لأنه كان من طعام الكهانة، وهو سحت خبيث.

<<  <   >  >>