للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لذلك قال ربنا جل جلاله: " كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ " (الحاقة: ٢٤) .. يقول ابن كثير رحمه الله: " أى يقال لهم تفضلا عليهم وامتنانا وإنعاما وإحسانا , وإلا فقد ثبت فى الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " اعملوا وسددوا وقاربوا , واعلموا أن أحدا منكم لن يدخله عمله الجنة " , قالوا: ولا أنت يا رسول الله , قال: " ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله برحمة منه وفضل " [متفق عليه] اهـ.

فإذا كان العمل الصالح وحده لا يدخل الجنة فما بالك بالسيىء ولذلك فإن متاعك الدنيوى " السيىء " كلما كثر كلما ضيع عليك الآخرة , وإنما قال الله: " بِمَا أَسْلَفْتُمْ " , ليرفع من همتك فى السير إليه , وإلا فالأصل أنه - سبحانه - الذى وفقك.

" وهذا اللون من النعيم مع هذا اللون من التكريم فى الالتفات إلى أهله بالخطاب , وقوله: " كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ " .. فوق أنه اللون الذى تبلغ إليه مدارك المخاطبين بالقرآن فى أول العهد بالصلة بالله , قبل أن تسمو المشاعر فترى فى القرب من الله ما هو أعجب من كل متاع .. فوق هذا , فإنه يلبى حاجات نفوس كثيرة على مدى الزمان , والنعيم ألوان غير هذا وألوان ".

<<  <   >  >>