للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذ إن هذا شأن السالكين إلى الله - تعالى - في كل زمان ومكان بل وانه من شأن الأنبياء والمرسلين , ذالكم الجسر هو الابتلاء والمحن التي تصيب السائر.

فلابد في هذا الطريق أن يصقله الابتلاء وأن تظهر معدنه المحنة , قال لله - تعالى - " أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ "

(العنكبوت: ٢ - ٣) .. وكان اول تبشير الرسول صلى الله عليه وسلم بالنبوة انذاره بالاخراج .. قال ورقة: ما أتى رجل بمثل ما أوتيت به الا عودى .. وقال الراهب للغلام: أنت اليوم أفضل منى وانك ستبتلى .. وقيل للشافعى: أحب إليك أن يمكن الرجل أو يبتلى , قال لا يمكّن حتى يبتلى.

فالجسر إلى التمكين في هذا الطريق هو الابتلاء .. ولابد من الصبر فيه الاحتساب والرضا عن الله تعالى وبه , فانه جسر الوصول .. وقد حفت الجنة بالمكاره .. يقول ابن القيم:

" وان تأملت حكمته - سبحانه وتعالى - فيما ابتلى به عباده وصفوته بما ساقهم به إلى أجلّ الغايات واكمل النهايات التي لم يكونوا يعبرون اليها الا على جسر من الابتلاء والامتحان , وكان ذلك الجسر لكماله كالجسر الذي لا سبيل إلى عبورهم إلى الجنة الا عليه , وكان ذلك الابتلاء والامتحان عين المحنة في حقهم والكرامة , فصورته صورة ابتلاء وامتحان , وباطنه فيه الرحمة والنعمة , فكم لله

<<  <   >  >>