للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا ترى ما وراء ذلك , انك تنظر إلى اللقطة الأخيرة ولم تر أصل الموضوع وتقدير الارزاق.

ان عكاشة سار إلى الله طويلا وعمل كثيرا حتى بلغ هذه المنزلة. فلما بلغها أوحى الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بقبول عكاشة في ركب السبعين المفردين , وأجرى على لسانه صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى هذا الكلام , ثم أنطق عكاشة بالطلب في لحظتها وهذا دليل ترقيه لها فأعطيها .. هذه حقيقة الامر .. فليس عكاشة قد خطفها في لحظة .. لا .. الله علم حكيم ..

عليم يعلم ان عكاشة تعب في السير إليه , فكان الأولى بها أحق بها وأهلها , ولما فتح الباب وقلده آخرون منعوا , ولا يظلم ربك أحدا " ان الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون "

(يونس: ٤٤) , ان عكاشة بدأ السير إلى الله في هذه الطريق , فلما وصل تلك المنزلة وأراد الله أن يمنحه اياها , أجرى الله هذا الكلام على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحضره في المكان فأسمعه ثم أنطقه فبشره .. هذه هى القضية .. فليست خطفة في لحظة .. افهم ذلك جيدا.

موقف آخر يفسر لك الموضوع:

أمسك جعفر الصادق بغلام ليعاقبه , فقال الغلام: يا سيدى أتعاقب من ليس له شفيع عندك غيرك؟

فقال: انطلق اذا , فلما انطلق الغلام التفت إليه وقال: يا سيدى اعلم انك لست الذي أطلقتنى , انما أطلقنى الذي أجراها على لسانى , فقال: اذهب فأنت حر لوجه الله.

وقفت - أيها الاخوة - مع هذا الموقف مليا أقول: سبحان الله! هذا

<<  <   >  >>