للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنفسه عند درها .. ولا يتجاوزه الى ما ليس له .. لا يتعدى دوره .. هذا هو الذي عرف نفسه .. فتيقن أنه لله ومن الله وبالله .. فالله هو المانّ به ابتداء وإدامة .. بلا سبب من العبد ولا استحقاق منه.

قال تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} [الطور: ٣٥].

{ما أشهدتم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا} [الكهف: ٥١]

{هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا* إنّا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سكيعا بصيرا} [الانسان: ١ - ٢].

إنك لم تكن شيئا .. من نطفة أوجدك .. بدون استحقاق منك .. بل محض كرم وجود منه سبحانه وتعالى.

انتبه ..

إذا علم العبد هذا وتيقنه .. فعلم أن الله هو المان به ابتداءا وإدامة .. بلا استحقاق من العبد .. وبلا سبب منه .. حينذاك تذله نعم الله عليه .. فعندئذ يرى أن الفضل كله لله .. وأنه من عليه دون أن يستحق أي نعمة .. فيذل لله .. وكلما زاده الله نعمة .. ازداد بها ذلا .. حتى يصير أذل الناس لله .. وهذه أعلى درجة من درجات العبودية .. فتذله نعم الله عليه .. وتكسره .. كسرة من لا يرى لنفسه ولا فيها ولا منها خيرا البتة .. فلا يرى فيها خيرا أبدا .. وأن الخير الذي وصل اليه فهو لله وبالله ومن الله.

وهذه نتيجة علمين شريفين .. علمه بربه .. وعلمه بنفسه ..

<<  <   >  >>