للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجب أن تشعر بهذه العصرة عندما تتوب .. الخوف من أن تكون قد ضللت الطريق .. فأنت لا تعرف جوانب الطريق .. لا تدري أوله ولا تعلم الى أين يفضي بك آخره .. ويقول ابن القيّم: ولو لم يكن إلا تألمه بفراق محبوبه .. فقد كانت الذنوب محبوباته .. أنيسته في وحشته .. فعندما يتوب سوف يفقد هذا الأنيس .. سوف يفقد أشياء كان يحبها .. سيتألم لفراق عيوبه التي لازمته ردحا من الزمان .. فينضغط قلبه وينعصر لذلك ويضيق صدره .. فأكثر الخلق يتوبون ثم ينكثون على أعقابهم ويعودوا الى المعاصي لأجل هذه المحبة للمعاصي .. والعالم الموفق يعلم أن الفرحة والسرور واللذة الحاصلة عقيب التوبة تكون على قدر هذه العصرة أقوى وأشد كانت الفرحة واللذة أكمل وأتم ..

إنّ هذه العصرة دليل على حياة قلبك وقوة استعداده .. لو كان قلبك ميتا واستعدادك ضعيفا لما انعصر .. واعلم أن الشيطان لص الإيمان .. واللص إنما يقصد المكان المعمور .. بمعنى أن يحاول سرقة الايمان من القلب المعمور بالإيمان .. إنه لا يذهب الى المقهى أو الى الملهى .. فمن يجلس هناك ليس في قلبه ما يسرق .. إنما يقصد المكان المعمور من اجل السرقة ..

<<  <   >  >>