للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخروية بقدَر التوبة والإيمان والأعمال الصالحة، فهذا وِزان القدر المخوف في الدنيا وما يضادّه سواء (١). فربُّ الدارين واحد، وحكمته واحدة، لا يناقض بعضها بعضًا، ولا يبطل بعضها بعضًا.

فهذه المسألة من أشرف المسائل لمن عرف قَدْرها، ورعاها حقّ رعايتها، والله المستعان.

لكن يبقى عليه أمران، بهما تتم سعادته وفلاحه:

أحدهما؛ أن يعرف تفاصيل أسباب الشر والخير، ويكون له بصيرة في ذلك بما يشاهده (٢) في العالم، وما جرّبه في نفسه وغيره، وما سمعه من أخبار الأمم قديمًا وحديثًا.

ومن أنفع ما في ذلك تدبُّر القرآن، فإنه كفيل بذلك على أكمل الوجوه، وفيه أسباب الشرّ والخير (٣) جميعًا مفصّلةً مبيّنةً. ثم السنّة، فإنها شقيقة القرآن، وهي الوحي الثاني. ومن صرف إليهما عنايته اكتفى بهما عن غيرهما، وهما يُرِيانِك الخير والشرّ وأسبابهما، حتّى كأنّك تعاين ذلك عيانًا.

وبعد ذلك إذا تأملتَ أخبار الأمم وأيام الله في أهل طاعته وأهل معصيته طابق ذلك ما علمتَه من القرآن والسنة، ورأيت تفاصيل (٤) ما أخبر الله به ووعد به (٥)، وعلمتَ من آياته في الآفاق ما يدلّك على أن


(١) "سواء" ساقط من ف.
(٢) ز: "شاهده".
(٣) خب: "الخير والشرّ".
(٤) ف، خب: "ورأيته بتفاصيل". وفي ز: "بفاضل".
(٥) "ووعد به" ساقط من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>