للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يبلّ لحيتَه (١).

وقال: لو أنني بين الجنّة والنار، لا أدري إلى أيّهما (٢) يؤمر بي، لاخترتُ أن أكون رمادًا، قبل أن أعلم إلى أيّهما أصير (٣).

وهذا علي بن أبي طالب ﵁ وبكاؤه وخوفه. وكان يشتد خوفه من اثنتين (٤): طول الأمل، واتباع الهوى. قال: فأما طول الأمل فيُنْسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصدّ عن الحق. ألا وإن الدنيا قد ولّت مدبرةً، والآخرةُ مقبلةٌ، ولكل واحدة منهما (٥) بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإنّ اليوم عمل ولا حسابَ، وغدًا حساب ولا عملَ (٦).


(١) أخرجه الترمذي (٢٣٠٨) وابن ماجه (٤٢٦٧) وأحمد ١/ ٦٣ - ٦٤ (٤٥٤) والحاكم ٤/ ٣٦٦ - ٣٦٧ (٧٩٤٢) وأبو نعيم في الحلية (١/ ٦١).
وزادوا جميعًا غير أبي نعيم: "فقيل له: تذكر الجنّة والنار ولا تبكي، وتبكي من هذا؟ فقال: إن رسول الله ﷺ قال: القبر أول منازل الآخرة، فإن ينج منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشرّ منه. قال: وقال رسول الله ﷺ: "ما رأيت منظرًا قط إلا والقبر أفظع منها".
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث هشام بن يوسف". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد لم يخرجاه".
(٢) ل: "أيتهما". س: "أيتها". وكذا في الموضع التالي.
(٣) أخرجه أحمد في الزهد (٦٨٥) وأبو نعيم في الحلية (١/ ٦٠).
(٤) ل، ز: "اثنين".
(٥) "منهما" من ز. وفي ل، ز: "ولكل واحد".
(٦) من قوله: "ارتحلت الدنيا مدبرةً" إلى آخره أخرجه البخاري تعليقًا بصيغة الجزم في كتاب الرقاق، باب في الأمل وطوله (ص). وأخرجه أحمد في الزهد (٦٩٢) وأبو داود في الزهد (١١٣) وأبو نعيم في الحلية (١/ ٧٦) وغيرهم. وفيه مهاجر العامري، يحتمل أنه ابن عميرة- ذكره ابن حبان في الثقات =

<<  <  ج: ص:  >  >>