للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة الحياة هي حياة القلب، ولهذا (١) جعل الله سبحانه الكافر ميتًا غير حيّ، كما قال تعالى: ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ﴾ [النحل: ٢١]، فالحياة في الحقيقة حياة القلب، وعمر الإنسان مدة حياته، فليس عمره إلا أوقات حياته بالله، فتلك ساعات عمره. فالبرّ والتقوى والطاعة تزيد في هذه الأوقات التي هي حقيقة عمره، ولا عمر له سواها.

وبالجملة، فالعبد إذا أعرض عن الله، واشتغل بالمعاصي، ضاعت عليه أيام حياته الحقيقية التي يجد غبَّ إضاعتها يوم يقول: ﴿يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (٢٤)[الفجر: ٢٤]. فلا يخلو إمّا أن يكون له (٢) مع ذلك تطلّع إلى مصالحه الدنيوية والأخروية، أو لا. فإن لم يكن له تطلع إلى ذلك (٣)، فقد ضاع عليه عمره كلّه، وذهبت حياته باطلًا. وإن كان له تطلع إلى ذلك (٤) طالت عليه الطريق بسبب العوائق، وتعسّرت عليه أسباب الخير، بحسب اشتغاله بأضدادها، وذلك نقصان حقيقي من عمره.

وسرّ المسألة أنّ عمر الإنسان مدة حياته، ولا حياة له إلا بإقباله على ربه (٥)، والتنعم بحبه وذكره، وإيثار مرضاته.


(١) ز: "حياة القلوب ولقد".
(٢) "له" ساقط من ل.
(٣) ف: "مع ذلك إلى ذلك".
(٤) "فقد ضاع … إلى ذلك" ساقط من س.
(٥) س: "بالإقبال … ". ف: "بإقباله عليه"، وصححه بعضهم في الحاشية.

<<  <  ج: ص:  >  >>