للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجد من الألم بمفارقتها؛ كما صرّح بذلك شيخ القوم الحسن بن هانئ حيث يقول:

وكأسٍ شربتُ على لذة … وأخرى تداويتُ منها بها (١)

وقال آخر (٢):

فكانت دوائى وهي دائي بعينه … كما يتداوى شارب الخمر بالخمر (٣)

ولا يزال العبد يعاني الطاعة، ويألفها، ويحبّها، ويؤثرها حتى يرسل الله سبحانه برحمته عليه الملائكةَ تؤزُّه إليها (٤) أزًّا، وتحرّضه عليها، وتزعجه عن فراشه ومجلسه إليها (٥). ولا يزال يألف المعاصي، ويحبّها، ويؤثرها (٦)، حتّى يرسل الله عليه الشياطين فتؤزّه إليها أزًّا.

فالأول قوّى جندَ الطاعة بالمدد، فصاروا من أكبر أعوانه. وهذا


(١) ف: "فكاسٌ"، س: "وكاسًا". وكذا نسبه المؤلف هنا إلى أبي نواس، ونحوه في زاد المعاد: "قال شيخ الفسوق" (٤/ ٢٠٩). والبيت للأعشى في ديوانه (٢٢٣). أما بيت أبي نواس الذي في معناه فهو:
دَعْ عنك لومي فإنَّ اللوم إغراءُ … وداوِني بالتي كانت هي الداءُ
انظر ديوانه (٦).
(٢) ف: "الآخر".
(٣) س، ز: "وكانت". ز: "وهو دائي". والشطر الثاني من بيت مشهور ينسب إلى المجنون (ديوانه: ١٢٢) وإلى قيس بن ذريح (شعره: ٩٥)، صدره:
تداويتُ من ليلى بليلى عن الهوى
ولعلّ قائل البيت الذي نقله المؤلف ضمّن الشطر الثاني.
(٤) "إليها" ساقط من ز.
(٥) "وتحرضه … إليها" ساقط من ف.
(٦) "ويؤثرها" ساقط من ف.

<<  <  ج: ص:  >  >>