للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالله سبحانه يعوّض عن كلّ ما سواه (١)، ولا يعوّض منه شيء.

ويغني عن كل شيء، ولا يغني عنه شيء. ويمنع من كل شيء (٢)، ولا يمنع منه شيء. ويجير من كل شيء، ولا يجير منه شيء (٣). فكيف يستغني العبد عن طاعةِ مَن هذا شأنُه طرفةَ عين؟

وكيف ينسى ذكره ويضيّع أمرَه حتى يُنسيَه نفسَه، فيخسرَها، ويظلمَها أعظمَ الظلم؟ فما ظلم العبدُ ربَّه، ولكن ظلم (٤) نفسَه. وما ظلمه ربه، ولكن هو الذي ظلم نفسَه!

فصل

ومن عقوباتها: أنّها تُخرِجُ العبدَ من دائرة الإحسان، وتمنعه ثوابَ المحسنين. فإنّ الإحسان إذا باشر القلبَ منَعَه من المعاصي (٥)، فإن من عَبَدَ الله كأنّه يراه لم يكن ذلك إلا لاستيلاء ذكره ومحبته وخوفه ورجائه على قلبه، بحيث يصير كأنه يشاهده، وذلك يحول بينه وبيّن إرادة المعصية، فضلًا عن مواقعتها. فإذا خرج من دائرة الإحسان فاته صحبةُ رُفَقِه (٦) الخاصة، وعيشُهم الهنيء، ونعيمُهم التام.


= "لأبي حنيفة ﵀، وهو آخر ما تكلم به عند موته:
لكل شيء إذا فارقته عوض … وليس لله إن فارقته عوض"
(١) س: "كل شيء سواه".
(٢) "ولا يغني … كل شيء" ساقط من ل.
(٣) "ويجير … شيء" مقدّم في ف على "ويمنح … شيء".
(٤) في س: "يظلم" هنا وفي الجملة السابقة.
(٥) س: "عن المعاصي".
(٦) كذا في النسخ كلها دون ضبط. و"الرُّفَق" جمع الرفقة كالرِّفاق. وفي ط: "رفقته" وأخشى أن يكون الصواب: "فاتته رفقة الخاصة" أي صحبتهم، وتكون كلمة "صحبة" مقحمة، كما قال بعد قليل: "فاته رفقة المؤمنين". و"فاته" ساقط من ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>