للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ومن عقوباتها: أنها تُضْعِفُ سيرَ القلب إلى الله والدار الآخرة، أو تعوقه، أو توقفه وتقطعه عن السير، فلا تدَعه يخطو إلى الله خطوةً. هذا إن لم تردّه عن وجهته إلى ورائه! فالذنب يحجب الواصل، ويقطع

السائر، وينكس الطالب. والقلب إنّما يسير إلى الله بقوته، فإذا مرض بالذنوب ضعفت تلك القوة التي تسيّره. فإن زالت بالكلّية انقطع عن الله انقطاعًا يبعُد تداركُه، والله المستعان.

فالذنب إما أن يميت القلب، أو يُمرضَه مرضًا مخوفًا، أو يضعف (١) قوته، ولا بدّ، حتى ينتهي ضعفه إلى الأشياء الثمانية التي استعاذ منها (٢) النبي ﷺ. وهي: الهمّ والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلَع الدَّين وغلبة الرجال (٣).

وكل اثنين منها قرينان: فالهم والحزن قرينان، فإن المكروه الوارد على القلب إن كان من أمر مستقبل يتوقّعه أحدثَ الهمَّ، وإن كان من أمر ماضٍ قد وقع أحدثَ الحزَنَ.


= المسيح ﵇ أنه قال: "يا معشر الحواريين أنتم تخافون المعاصي وأنا أخاف الكفر"، وذكر عن سهل التستري أنه قال: "المريد يخاف أن يبتلى بالمعاصي، والعارف يخاف أن يبتلى بالكفر". وانظر طريق الهجرتين (٩٣).
(١) ل: "ويضعف".
(٢) ز: "بها"، خطأ.
(٣) أخرجه البخاري في الدعوات، باب الاستعاذة من الجبن والكسل (٦٣٦٩) وغيره من حديث أنس بن مالك ﵁. وانظر صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء (٢٧٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>