للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول سبحانه لعباده: أنا أكرمتُ (١) أباكم، ورفعت قدره، وفضّلته على غيره، فأمرتُ ملائكتي كلّهم أن يسجدوا له تكريمًا (٢) وتشريفًا، فأطاعوني، وأبى عدوّي وعدوّه، فعصى أمري، وخرج عن طاعتي. فكيف يحسن بكم بعد هذا أن تتخذوه (٣) وذريته أولياء من دوني، فتطيعونه في معصيتي، وتوالونه في خلاف مرضاتي، وهم (٤) أعدى عدو لكم؟ فواليتم عدوّي، وقد أمرتكم بمعاداته.

ومن والى أعداء الملِك كان هو وأعداؤه عنده سواء، فإنّ المحبة والطاعة لا تتمّ إلا بمعاداة أعداء المطاع وموالاة أوليائه. وأمّا أن توالي أعداءَ الملِك ثم تدّعي أنّك موالٍ له، فهذا محال. هذا لو لم يكن (٥) عدوُّ الملك عدوًّا لكم، فكيف إذا كان عدوًّا لكم (٦) على الحقيقة، والعداوةُ التي بينكم وبينه أعظمُ من العداوة التي بين الشاة والذئب؟ فكيف يليق بالعاقل أن يوالي عدوَّه وعدوَّ وليّه ومولاه الذي لا مولى له سواه؟

ونبّه سبحانه على قبح هذه الموالاة بقوله: ﴿وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾ [الكهف: ٥٠]، كما نبّه على قبحها بقوله: ﴿فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ [الكهف: ٥٠]. فتبيّن أنّ عداوته لربّه وعداوته لنا، كلٌّ منهما سببٌ يدعو إلى معاداته، فما هذه الموالاة؟ وما هذا الاستبدال؟ بئس للظالمين بدلا!


(١) ل: "إنّي كرمت". س: "كرّمت".
(٢) ف: "تكريمًا له".
(٣) ما عدا ف: "تتخذونه".
(٤) كذا في جميع النسخ، يعني إبليس وذريته.
(٥) ف: "إذا لم يكن".
(٦) ز: "عدوَّكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>