للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جنسهم من الإنس البطّالين، فقرّبوهم منهم، وشوّشوا عليهم بهم.

وبالجملة فأعِدّوا للأمور أقرانَها، وادخلوا على كل واحد من بني آدم من باب إرادته وشهوته، فساعدوه عليها، وكونوا عونًا له (١) على تحصيلها. وإذا كان الله قد أمرهم أن يصبروا لكم، ويصابروكم، ويرابطوا عليكم الثغورَ؛ فاصبروا أنتم، وصابروا، ورابطوا عليهم الثغورَ، وانتهزوا فرصكم فيهم عند الشهوة والغضب، فلا تصطادون (٢) بني آدم في أعظم من هذين الموطنين!

واعلموا أنّ منهم من يكون سلطان الشهوة عليه أغلب، وسلطان غضبه ضعيف مقهور، فخذوا عليه طريق الشهوة، ودَعُوا طريق الغضب. ومنهم من يكون سلطان (٣) الغضب عليه أغلب، فلا تُخْلوا طريقَ الشهوة عليه، ولا تعطّلوا ثغرَها (٤)، فإنّ من لم يملك نفسه عند الغضب فإنه بالحرى أن لا يملكها (٥) عند الشهوة. فزوِّجوا بين غضبه وشهوته، وامزجوا أحدهما بالآخر، وادعوه إلى الشهوة من باب الغضب، وإلى الغضب من طريق الشهوة.

واعلموا أنه ليس لكم في بني آدم سلاح أبلغ من هذين السلاحين.

وإنما أخرجتُ أبوَيهم من الجنّة بالشهوة، وإنما ألقيتُ العداوة بين


(١) ل: "له عونًا له". س: "لها أعوانًا"، وفي حاشيتها أشير إلى أن في نسخة: "وكونوا أعوانا له".
(٢) ز: "فلا تصطادوا".
(٣) غيرها بعضهم في ف إلى "شيطان".
(٤) ف: "طريق الشهوة قلبه، ولا تعطلوه بغيرها"، وهي محرّفة.
(٥) ف: "لا يملك نفسه".

<<  <  ج: ص:  >  >>