للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطاعته.

وقد جعل الله سبحانه لكل شيء سببًا وآفةً: سببًا يجلبه، وآفة تبطله. فجعل أسبابَ نعمِه الجالبةَ لها طاعتَه، وآفاتِها المانعةَ منها (١) معصيتَه. فإذا أراد حفظَ نعمته على عبده ألهمه رعايتها بطاعته فيها، وإذا أراد زوالها عنه خذَلَه حتى عصاه بها.

ومن العجب علمُ العبدِ بذلك مشاهدةً في نفسه وغيره، وسماعًا لما غاب عنه مِن أخبار مَن أزيلت نِعمُ الله عنهم بمعاصيه، وهو مقيم على معصية الله، كأنّه مستثنىً من هذه الجملة، أو مخصوص من هذا العموم، وكأنّ هذا أمر جارٍ على الناس لا عليه (٢)، وواصلٌ إلى الخلق لا إليه!

فأيّ جهل أبلغ من هذا؟ وأي ظلم للنفس فوق هذا؟ فالحكم لله العلي الكبير.

فصل

ومن عقوباتها: أنها تباعد عن العبد وليَّه، وأنفعَ الخلقِ له، وأنصحَهم له، ومَن سعادتُه في قربه منه، وهو الملَك الموكَّلُ به. وتُدني منه عدوَّه، وأغشَّ الخلق له وأعظمَهم ضررًا له، وهو الشيطان. فإنّ العبد إذا عصى الله تباعد منه الملَك بقدر تلك المعصية، حتّى إنّه يتباعد عنه بالكذبة الواحدة مسافة بعيدة.


(١) "المانعة منها" ساقط من ف.
(٢) س، ز: "إلّا عليها" وكذلك فيما بعد: "إلا إليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>